لا يجرمنكم شنآن قوم!.. رد على فتوى إباحة قتل المتظاهرين.. محمد يحيى ابن احريمو
تانيد ميديا: اطلعت على فتوى منسوبة للسيد الأمين العام لرابطة العلماء الموريتانيين، تتضمن إباحة ضرب قوات الأمن للمتظاهر ين وقتلهم في حالة عدم عدولهم عن إثارة الشغب. وبما أني عضو – عن غير استحقاق- في الهيئة التي يتولى هذا الشيخ الكريم أمانتها العامة رأيت لزاما علي أن أبين النقاط التالية:
– أن هذه الفتوى تهبط الى درجة الخطأ البين الذي ينقض حكم الحاكم به، وهو لا يليق بالسيد الأمين العام المحترم – ان كان الأمر كما نقل عنه- ذلك أن التظاهر لا يبيح لقوات الأمن قتل المتظاهرين ما لم يحملوا السلاح- لا قدر الله- وما تعلل به المفتي – حفظه الله – من محاولة جعل التظاهر من قبيل الخروج على الحاكم؛ ليس بدقيق؛ لأن الخروج المبيح للقتال هو الخروج مغالبة كما قال ابن عرفة في تعريف البغي: “هو الامتناع من طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية بمغالبة ولو تأولا” فقيد بالمغالبة وهي المقاتلة كما قال الحطاب وغيره. وليس التظاهر من قبيل المقاتلة، وحرمة دماء المسلمين أعظم من أن تستباح بالتظاهر، كما قال تعلى: ﴿مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ ﴾ [المائدة: 32] وقال صلى الله عليه وسلم: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا” وقال صلى الله عليه وسلم: “لزوال الدنيا أهون عند الله تعلى من قتل امرئ مسلم” فالواجب على قوات الأمن -أصلحهم الله – كف المشاغبين عن الشغب بالطرق والوسائل المتاحة التي ليس فيها تعريض لحياتهم للخطر، وتقدير الضرورة بقدرها، والحرص على سلامة المتظاهرين كحرصهم على حفظ الأمن والنظام. أقول هذا غير غافل عن أهمية حفظ الأمن، وضرورة المحافظة عليه ولكن كما قال تعلى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰٓ أَلَّا تَعۡدِلُواْۚ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة: 8]
– أن المفتي بهذه الفتوى مطالب بإصدار توضيح يببين فيه مراده، ويتبرأ مما لا يليق به.
– أن علاج مثل هذه الأحداث انما يكون بالحوار، والنصح والتوجيه، لا بالتحريض والإثارة. ولا شك أن أسلوب الحوار والتهدئة، الذي انتهجه السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حفظه الله منذ وصوله للحكم من شأنه أن يجنب البلاد كل صدام وأن يسير بها الى بر الأمان.
– أن من شأن هذه الفتوى وما شابهها من الفتاوي التي ليس لها أساس شرعي -أن تثير الفتنة والشحناء بين المسلمين، وتؤدي الى ما لا تحمد عقباه، وقد شاهدنا ذلك في بلاد أخرى جنب الله بلادنا جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن!
– أن اللائق بأهل العلم والموقعين عن الله أن يحافظوا على توازنهم، وأن يظلوا قائمين لله بالقسط، فيامروا المتظاهرين بالكف عن الشغب، ويحذروهم من الإخلال بالأمن، ويحثوا عناصر الأمن على المحافظة على أرواح المتظاهرين، وكفهم عن الشغب دون إزهاق لأرواحهم. وما زال العلماء يستنكرون مثل هذه الفتوى التي تذكر بفتوى إباحة قتل الثلث لمصلحة الثلثين، المنسوبة كذبا ومينا للإمام مالك، والتي شنع البناني على ناقلها حتى قال: انه لا يجوز نقلها في الكتب الا لأجل ردها، وبيان زيفها، حفظ الله بلادنا وجنبها جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن.